الجمعة، 10 ديسمبر 2010

هل تتعمد وزارة الاستثمار إبعاد الهايبر ماركت الحكومي من المنافسة لصالح القطاع الخاص؟

هل تتعمد وزارة الاستثمار إبعاد الهايبر ماركت الحكومي من المنافسة لصالح القطاع الخاص؟
رشيد

تصريحاته تعكس اتجاه الدولة لرفع يدها عن الأسواق
كتبت: سناء عبد الوهاب
هل تتعمد وزارة الاستثمار إبعاد الهايبر ماركت الحكومي من المنافسة لصالح القطاع الخاص؟
في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار السلع الغذائية الذي تعاني منه معظم الأسر المصرية خاصة عندما يصيب جنون الأسعار بعض السلع الاستراتيجية مثل السكر والزيت والقمح والدقيق، فإن المخرج الرئيسي لها يكون في المجمعات الاستهلاكية، التي تعتبر الوسيلة الأساسية بل تكاد تكون الوحيدة أيضا التي يمكن للحكومة أن تتدخل من خلالها لتوفير كميات إضافية من بعض هذه السلع في حالة نقصها في الأسواق أو ارتفاع أسعارها بشكل مفاجئ عالميا أو محليا، وهو ما يظهر جليا خلال هذه الأيام بعدما وصل سعر كيلو السكر 7 جنيهات، فإن معظم المستهلكين يكونون في انتظار طرح السكر في المجمعات حيث تقوم بعرضه بسعر 3.5 جنيه للكيلو.

ولا يستطيع أحد أن ينكر أيضا الإقبال الكبير الذي شهدته هذه المجمعات في عيد الأضحي الماضي علي اللحوم ، التي وفرتها بأسعار 38 جنيها للكيلو، وهي تجربة فعلية تؤكد أنه في حالة قيام تلك المجمعات بتوفير سلع بأسعار مناسبة، فإنها ستكون منافسا قويا للقطاع الخاص، لاسيما أن سلاسل القطاع الخاص تلجأ أحيانا لتأجير خطوط إنتاج تنتج سلعا تحمل اسمها بسعر تنافسي مع الشركات الأخري لتحقيق أرباح أعلي، في حين تمتلك الشركة القابضة للصناعات الغذائية مصانع تنتج سلعا غذائية، وبالتالي فيمكنها تحقيق ربح أعلي في ظل قصر حلقات البيع من المصنع إلي المستهلك مباشرة، كما يتطلب الأمر تحرير الإدارة من بعض القواعد الروتينية الخانقة - دون ترك الحبل علي الغارب طبعا- ومحاسبة المسئولين نهاية كل سنة مالية مثلما يفعل أصحاب السلاسل الخاصة، وخلال العامين الأخيرين خلال تولي د. محمود محيي الدين وزارة الاستثمار، فقد اهتم بتطوير بعض هذه المجمعات وضخ استثمارات فيها لتخرج من كونها "جمعية استهلاكية" بالمعني السائد لدي المصريين "التي تقتصر علي صرف السلع ببطاقة التموين أو طوابير الجمعية للحصول علي فرخة أو صابونتين" لتتحول إلي "هايبر ماركت" يحتوي علي كل السلع الغذائية بمختلف الأسعار وبمختلف المستويات لتنافس سلاسل الهايبر ماركت الخاصة، ومن ثم يتطور دوره من كونه يخدم الأسر محدودة ومتوسطة الدخل، ولكن أيضا لتستطيع أيضا تحقيق أرباح ضخمة تضاف للموازنة العامة للدولة.

يأتي ذلك وسط تخوفات رؤساء الشركات من تراجع المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة والمشرف علي وزارة الاستثمار عن سياسة د. محمود محيي الدين باعتماد 16 مليون جنيه لتطوير المجمعات لتصبح أداة الدولة لضبط الأسعار، ويبدو فعلا أن رشيد ينظر إلي هذه المجمعات بعين مختلفة، فتصريحاته الأخيرة حول دور هذه المجمعات التي قال عنها إنها لا تحقق أي ربح يذكر علي الرغم من أن الدولة تدعهما بالملايين، مشيراً إلي أن هناك أكثر من 1080 مجمعاً علي مستوي الجمهورية تحقق خسائر بالملايين ،كما صرح رشيد بأنه ستتم إعادة النظر في مشروعات الهايبر ماركت الحكومي التي كانت وزارة الاستثمار، قد اتجهت إليها في الفترة الأخيرة في مختلف المحافظات، مشيرا إلي أنه سيتم الاحتفاظ بالهايبر ماركت الذي تم إنشاؤه بمدينة نصر بينما تدرس الشركة القابضة للصناعات الغذائية تأجير الهايبر ماركت الجديد الذي تم إنشاؤه في قليوب، هذا في الوقت الذي نفي فيه محسن زاهر رئيس مجلس إدارة مجمعات النيل تلقي المجمعات الاستهلاكية دعماً علي السلع الموجودة بداخلها ،مشيراً إلي أن هناك أكثر من60 فرعاً من المجمعات تبيع مقررات السلع التموينية، نافيا أن تكون المجمعات الاستهلاكية علي مستوي الجمهورية قد حققت خسائر بل أكد أن مكاسبها وصلت لأكثر من 5 مليارات جنيه، بل إن صافي الأرباح التي حققتها فروع شركة النيل بلغت هذا العام أكثر من 5.7 مليون جنيه حتي آخر مارس 2010، كما حققت شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية أيضا صافي أرباح بلغ 239 مليون جنيه خلال العام الماضي وذلك حسبما تؤكد القوائم المالية للشركتين. وتأتي الطفرة في أرباح هذه الشركات بعد التطويرات التي شهدتها هذه المجمعات ويجب هنا أن نفرق بين نوعين من هذه المجمعات ، فهناك المجمعات الاستهلاكية بصورتها التقليدية والمجمعات التي تم تطويرها في صورة هايبر ماركت ، والتي تحمل اسم "فاميلي ماركت" للتابعة لشركة النيل للمجمعات ، وأخري تحمل اسم "نيوماركت" وتابعة لشركة الأهرام للمجمعات، وهذه السلاسل من المفترض أنها تنافس سلاسل الهايبر ماركت الأخري التابعة للقطاع الخاص، ولكن رغم أن معظم الدراسات المقارنة التي تجريها جمعيات حماية المستهلك علي معدلات الأسعار تؤكد انخفاض أسعار معظم السلع المعروضة في المجمعات بنسبة تصل إلي 15%، إلا أنها لا تجد إقبالا كبيرا من جانب المواطنين، وعندما أجرت "الفجر" جولة في بعض فروع هذه السلاسل كانت شبه خالية من المتسوقين، وذلك لافتقارها للدعاية الكافية، فضلا عن أنها تعرض أحيانا بعض السلع "المجهولة" لدي المستهلكين والتي تنتجها الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، وعلي الرغم من أن هذه المنتجات تتمتع بجودة مقبولة وأسعارها أقل من مثيلاتها، إلا أن معظم المستهلكين يفضلون شراء المنتجات التي تحمل ماركة مشهورة أو التي تظهر في الإعلانات التليفزيونية اعتقادا منهم بأنها الأجود، هذا فضلا عن سوء الإدارة والمعوقات الروتينية والدورات المحاسبية التي تعترض هذه المجمعات بسبب تبعيتها للقطاع العام وما يتبعه من بيروقراطية، بالإضافة إلي عدم وجود عروض تسويقية تغري المستهلك للإقبال عليها مثلما تفعل الهايبر ماركت الأخري.

إلا أن كل ذلك في النهاية يرتبط بوجود رغبة حقيقة في تطوير هذه السلاسل دون خوف منها علي مصالح سلاسل القطاع الخاص.

هناك 6 تعليقات: